فإن قلت: ما معنى (ثُمَّ) الداخلة في تكرير الدعاء؟
قلت: الدلالة على أن الكرّة الثانية أبلغ من الأولى، ونحوه قوله:
ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمّت اسلمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجاء النظم على السنن المألوف من التنزيل، وذلك أنه تعالى لما حسم طمع الوليد بقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ لِأيَاتِنَا عَنِيدًا﴾، وبين عناده بقوله: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ﴾، دعا عليه بالدعاءين بتقديره مرتين، كما ذكره الراغب: قدر أولاً أنه شاعر ثم نفاه حيلة، وقدر ثانياً أنه كاهن كذلك، ثم بعد ذلك نظر في طلب ما يدفع به ويرده، ثم عبس وبسر كالمهتم المتفكر في شيء، ثم أدبر عن الحق واستكبر عن اتباعه، فقال: ما هذا الذي يقرؤه محمد، إلا سحر يُؤثر. والله أعلم.
قوله: (ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثُمت اسلمي)، عجزه:
ثلاث تحيات وإن لم تكلمي
وفي بعض النسخ، العجز من المتن، أي: تبالغي في السلام، ثم تبالغي. وقيل: أي كوني سالمة، يخاطب الرَّبع والدار، والتقدير: أُحيي ثلاث تحيات. قبله:
وما لي من ذنب إليهم علمته سوى أنني قد قلت: يا سَرحة، اسلمي
أي: مالي من ذنب أهتدي إليهم، سوى قولي: يا سرحة، أدام الله سلامك. وسرحة: شجرة، عرض بها باسم امرأة فيهم؛ وإنما كرر ليغايظهم ويناكدهم.