ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} [الحجر: ٦]، وجوابه في سورة أخرى، وهو قوله: ﴿مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ [القلم: ٢]. والجواب أن المراد بقولهم: إن القرآن كالسورة الواحدة، في عدم التناقض؛ فأما أن يُقرن بكل آية ما يُقرن بالأخرى، فذلك غير جائز، لأنه يلزم جواز أن يُقرن بكل إثبات حرف النفي الوارد في سائر الآيات، فينقلب كل إثبات نفياً وعكسه.
وقلت: قال حمزة وسعيد بن المسيب: إن البسملة آية من الفاتحة ليس إلا، والقرآن جميعه بمنزلة سورة واحدة، كذا في "الشُّعلة".
وليس في جواز ضرب بعض السور ببعض، وتخليط ألفاظ سورة بسورة، كما يفعله بعض وُعاظ زماننا. نعم، فيه جواز القول بتعلق صدر السورة التالية بخاتمة السابقة لفظاً، وجواز القول بتعلق بعض السور ببعض معنًى، كما جاء ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ﴾ [الفيل: ٥]، ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ [قريش: ١].
وفي الكواشي: "لما ختم سورة النساء آمراً بالتوحيد والعدل بين العباد، أكَّد ذلك بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١].
وفي الحديث الذي جاء عن عثمان في اتصال "الأنفال" بـ "براءة"، شاهد صدق على ذلك. ومن قال باتصال النفي بما قبل السورة، لعلَّه ذهب إلى أنه رد لقوله: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ


الصفحة التالية
Icon