أو بالتي لا تزال تلوم نفسها وإن اجتهدت في الإحسان. وعن الحسن: إن المؤمن لا تراه إلا لائماً نفسه، وإن الكافر يمضي قدماً لا يعاتب نفسه. وقيل: هي التي تتلوم يومئذ على ترك الازدياد إن كانت محسنة، وعلى التفريط إن كانت مسيئة. وقيل: هي نفس آدم، لم تزل تتلوم على فعلها الذي خرجت به من الجنة. وجواب القسم ما دل عليه قوله (أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَن لَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ)، وهو: لتبعثن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيه لوم، قال تعالى: ﴿وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ [القيامة: ٢]، فقد قيل: هي النفس التي اكتسبت بعض الفضيلة، فتلوم صاحبها إذا ارتكب مكروهاً، فهي دون النفس المطمئنة، وقيل: بل هي النفس التي اطمأنت في ذاتها، وترشحت لتأديب غيرها؛ فهي فوق النفس المطمئنة".
قوله: (وإن الكافر يمضي قُدماً)، النهاية: "ومضى قُدماً، أي: لم يُعرج. وفي حديث علي: نظر قدماً أمامه، أي: لم يعرج ولم ينثن. وقد تسكن الدال، يقال: قدم بالفتح يقدم قُدماً: أي: تَقدم". وعن بعضهم: قدماً: أي: قُداماً، كما يقال: مضى أُخراً؛ أي: مستأخراً، وهو كقوله: ﴿فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: ٢٠١]؛ فإن المؤمن يمتنع ويقف، بخلاف الكافر فإنه يريد ليفجر أمامه.
قوله: (على التفريط إن كانت مُسيئة)، روى السُّلمي عن سهل: "النفس اللوامة: هي النفس الأمارة بالسوء، وهي قرينة الحرص والأمل. وعن أبي بكر الوراق: النفس كافرة في وقت، منافقة في وقت، مرائية في وقت، وعلى الأحوال كلها هي كافرة، لأنها لا تألف الحق أبداً، وهي منافقة لأنها لا تفي بالوعد، وهي مُرائية لأنها لا تحب أن تعمل عملاً، ولا تخطو خطوة إلا لرؤية الخلق؛ فمن كان هذه صفاته، فهي حقيقة بدوام الملامة لها".


الصفحة التالية
Icon