وطأمن نفسك أنه لا يبقى غير محفوظ، فنحن في ضمان تحفيظه (ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) إذا أشكل عليك شيء من معانيه، كأنه كان يعجل في الحفظ والسؤال عن المعنى جميعا، كما ترى بعض الحراص على العلم؛ ونحوه (ولا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إلَيْكَ وحْيُهُ) [طه: ١١٤]، (كَلاَّ) ردع لرسول الله ﷺ عن عادة العجلة وإنكار لها عليه، وحث على الأناة والتؤدة، وقد بالغ في ذلك بإتباعه قوله (بَلْ تُحِبُّونَ العَاجِلَةَ) كأنه قال: بل أنتم يا بني آدم، لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه تعجلون في كل شيء، ومن ثم تحبون العاجلة (وتَذَرُونَ الآخِرَةَ)، وقرئ بالياء وهو أبلغ.
فإن قلت: كيف اتصل قوله (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ) [القيامة: ١٦] إلى آخره، بذكر القيامة؟
قلت: اتصاله به من جهة هذا للتخلص منه، إلى التوبيخ بحب العاجلة، وترك الاهتمام بالآخرة. الوجه: عبارة عن الجملة، والناضرة: من نضرة النعيم (إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) تنظر إلى ربها خاصة لا تنظر إلى غيره، وهذا معنى تقديم المفعول،......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وطَأمن نفسك)، الجوهري: "طأمنت منه: سكنت".
قوله: (وقُرئ بالياء)، نافع والكوفيون: تحبون وتذرون، فيهما بالتاء الفوقانية، والباقون بالياء. وكونه أبلغ، للالتفات بعد تعميم الخطاب؛ قال: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِي﴾، ثم عم وقال: ﴿بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ﴾، وعلى الغيبة: يُغني من شأن بني آدم العجلة.
قوله: (اتصاله به من جهة هذا للتخلص منه، إلى التوبيخ بحب العاجلة وترك الاهتمام بالآخرة)، فإن قلت: جوابه غير مطابق للسؤال: سأل عن كيفية اتصال ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ﴾ بذكر القيامة، وأجاب عن سبب اتصالهما حيث قال: اتصاله به من جهة هذا للتخلص منه.