ولا يصح (أَمْشَاجٍ) أن يكون تكسيراً له، بل هما مثلان في الإفراد، لوصف المفرد بهما. ومشجه ومزجه بمعنى. والمعنى من نطفة قد امتزج فيها الماءان. وعن ابن مسعود: هي عروق النطفة. وعن قتادة: «أمشاج»: ألوان وأطوار، يريد: أنها تكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة (نَّبْتَلِيهِ) في موضع الحال، أي: خلقناه مبتلين له، بمعنى: مريدين ابتلاءه، كقولك: مررت برجل معه صقر صائداً به غداً، تريد: قاصداً به الصيد غداً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"سلالته" مرفوع بـ "مُرتجة"، أي: مُرتجة سلالته. "على مشج": المشج: المختلط حمرة في بياض، وكل لون من ذلك مشج، والجمع أمشاج، وهو شبه ماء الرجل في بياضه، وماء المرأة في رقته واصفراره. والسلالة: ما ينسل من بين الأصابع من الطين، ومن النُّطفة ما ينسل ويندفق منها. مهين: [حقير] يصف أُنثى قبلت ماء الفحل وحملت منه، يقول: طوت أحشاء أمعاء كأثواب مُرتجة لوقت الولادة، على نُطفة مُختلطة حقيرة. على مشج: صلة "طوت"، أو صلة: "مُرتجة"، أي أغلقت الناقة الرحم بالولد. ويروى: "مُرتجة"، على لفظ الفاعل، و"مهين" بالرَّفع؛ فعلى هذا: "سلالته" مبتدأ، و"مهين" خبره.
قوله: (هي عُروق النُّطفة) في "المطلع"، عن ابن مسعود: "عروق العلق تبدو في النطفة".
قوله: (مررت برجل معه صقر صائداً به غداً)، اعلم أن قوله: ﴿نَّبْتَلِيهِ﴾ هو حال من فاعل ﴿خَلَقْنَا﴾، وهو على ظاهر مُشكل، لأن قوله: ﴿فَجَعَلْنَاهُ﴾ عطف على ﴿خَلَقْنَا﴾ بالفاء.
والابتلاء إنما يستقيم إذا حصل للمكلف السمع والبصر، وتأويله على وجوه:
أحدها: أنه من الحال المقدرة، أي خلقنا الإنسان مُقدرين له الابتلاء، فجعلناه سميعاً بصيراً، ليترتب عليه ما قدرنا له من الابتلاء، وإليه ينظر قول القاضي: "نبتليه: في موضع