والوفاء بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات؛ لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه لوجه الله، كان بما أوجبه الله عليه أو في (مُسْتَطِيرًا) فاشياً منتشراً بالغا أقصى المبالغ، من استطار الحريق، واستطار الفجر. وهو من: طار، بمنزلة «استنفر» من: نفر، (عَلَى حُبِّهِ) الضمير للطعام، أي: مع اشتهائه والحاجة إليه، ونحوه (وآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ) [البقرة: ١٧٧]، (لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران: ٩٢] وعن الفضيل بن عياض: على حب الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شربهم، وأما العين فيها يمزجون"، لأن هذه العبارة مُشعرة بالتغاير بين الكأس والعين. "بل الجواب: أنه لما ذكر الشُّرب أولا باعتبار الوقوع في الوجود، ذكره ثانياً مُضمناً للاستدامة، كأنه قال: يشربون منها فيلتذون بها، كذا قال أبو عبيدة".
قال أبو البقاء: " ﴿يَشْرَبُ بِهَا﴾ حال من ﴿يَشْرَبُونَ﴾؛ أي: يشربون ممزوجاً بها. والأولى أن يكون محمولاً على المعنى؛ أي: يلتذون بها". وقال صاحب "الكشف": "الباء زائدة، أي: يشربها، أي: ماءها".
قوله: (وهو من: طار، بمنزلة "استنفر" من نفر)، أي: استطار من طار، لكن في "استطار" مبالغة، واستنفر ونفر كذلك، لقوله تعالى: ﴿حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ﴾ [المدثر: ٥٠].
قوله: (مع اشتهائه والحاجة إليه)، فيكون من باب التعميم، وقوله: "على حُب الله" هو من باب التكميل، وصفهم اولاً بالجود والبذل، وكمله بأن ذلك عن إخلاص لا رياء فيه.


الصفحة التالية
Icon