(وأَسِيرًا) عن الحسن: كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يؤتى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين، فيقول: أحسن إليه؛ فيكون عنده اليومين والثلاثة، فيؤثره على نفسه. وعند عامة العلماء: يجوز الإحسان إلى الكفار في دار الإسلام ولا تصرف إليهم الواجبات. وعن قتادة: كان أسيرهم يومئذ المشرك، وأخوك المسلم أحق أن تطعمه. وعن سعيد بن جبير وعطاء: هو الأسير من أهل القبلة، وعن أبي سعيد الخدري: هو المملوك والمسجون. وسمى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أسيراً، فقال: «غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك». (إنَّمَا نُطْعِمُكُمْ) على إرادة القول. ويجوز أن يكون قولاً باللسان منعاً لهم عن المجازاة بمثله أو بالشكر؛ لأن إحسانهم مفعول لوجه الله؛ فلا معنى لمكافأة الخلق. وأن يكون قولهم لهم لطفاً وتفقيهاً وتنبيهاً، على ما ينبغي أن يكون عليه من أخلص لله.
وعن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تبعث بالصدقة إلى أهل بيت، ثم تسأل الرسول: ما قالوا؟ فإذا ذكر دعاء دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصا عند الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وعند عامة العلماء يجوز الإحسان إلى الكفار)، قال الزجاج: "الأسير في ذلك الوقت كان من الكفار. وقد مدح الله من يطعم الأسير، وهذا يدل على أن في إطعام أهل الحبوس ثواباً جزيلاً. وأهل الحبوس: الأُسراء". روى محيي السنة عن مجاهد وسعيد بن جُبير وعطاء: "هو المسجون من أهل القبلة، وقال الحسن وقتادة: وفيه دليل على أن إطعام الأسارى وإن كانوا من أهل الشرك حسن، ويُرجى ثوابه".
قوله: (هو الأسير من أهل القبلة)، هذا إنما يستقيم إذا أُنفق الإطعام في دار الحرب من السلم لأسير في أيديهم.


الصفحة التالية
Icon