(ولَقَّاهُمْ نَضْرَةً وسُرُورًا) أي: أعطاهم بدل عبوس الفجار وحزنهم نضرة في الوجوه وسروراً في القلوب، وهذا يدل على أن اليوم موصوف بعبوس أهله (بِمَا صَبَرُوا) بصبرهم على الإيثار. وعن ابن عباس رضي الله عنه: أن الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول الله ﷺ في ناس معه؛ فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت على ولدك، فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برءا مما بهما، أن يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا وما معهم شيء، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء، وأصبحوا صياماً؛ فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم، فآثروه؛ ووقف عليهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك؛ فلما أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع، قال: ما أشد ما يسوؤني ما أرى بكم! وقام فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبريل وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: أعطاهم بدل عُبوس الفُجار نضرة في الوجوه)، الراغب: "يقال: لقيته بكذا إذا استقبلته به، قال تعالى: ﴿وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا﴾ [الفرقان: ٧٥]، ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾، وتلقاه كذا، ﴿وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ﴾ [النمل: ٦]، ﴿وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ [الأنبياء: ١٠٣] ".