أو لأنه لم يعصر فتمسه الأيدي الوضرة، وتدوسه الأقدام الدّنسة، ولم يجعل في الدنان والأباريق التي لم يعن بتنظيفها. أو لأنه لا يئول إلى النجاسة لأنه يرشح عرقاً من أبدانهم له ريحٌ كريح المسك. أي: يقال لأهل الجنة (إِنَّ هذا) وهذا إشارةٌ إلى ما تقدّم من عطاء الله لهم: ما جوزيتم به على أعمالكم وشكر به سعيكم، والشكر مجاز.
[(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً * فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً * وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) ٢٣ - ٢٦]
تكرير الضمير بعد إيقاعه اسماً ل- "إنّ": تأكيدٌ على تأكيدٍ لمعنى اختصاص الله بالتنزيل، ليتقرّر في نفس رسول الله ﷺ أنه إذا كان هو المنزل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال القاضي: "شراباً طهوراً: يريد به نوعاً آخر تفوق على النوعين المُتقدمين، ولذلك أسند سقيه إلى الله سبحانه وتعالى، ووصفه بالطهورية؛ فإنه يُطهر شاربه عن الميل إلى اللذات الحسية، والركون إلى ما سوى الحق، فيتجرد لمطالعة جماله، مُلتذاً بلقائه، باقياً ببقائه، وهي مُنتهى درجات الصديقين، ولذلك ختم به على ثواب الأبرار".
قوله: (الأيدي الوضرة)، الجوهري: "الوضر: الدرن والدَّسم"، قال:
أباريق لم يعلق بها وضر الزُّبد