فإن قلت: كانوا كلهم كفرة، فما معنى القسمة في قوله (آثِماً أَوْ كَفُورا)؟
قلت: معناه ولا تطع منهم راكباً لما هو إثمٌ داعياً لك إليه، أو فاعلاً لما هو كفرٌ داعياً لك إليه؛ لأنهم إما أن يدعوه إلى مساعدتهم على فعلٍ هو إثمٌ أو كفر، أو غير إثمٍ ولا كفر، فنهى أن يساعدهم على الاثنين دون الثالث. وقيل: الآثم عتبة؛ والكفور: الوليد؛ لأنّ عتبة كان ركاباً للمآثم، متعاطياً لأنواع الفسوق؛ وكان الوليد غالباً في الكفر شديد الشكيمة في العتوّ.
فإن قلت: معنى "أو": ولا تطع أحدهما، فهلا جيء بالواو ليكون نهياً عن طاعتهما جميعاً؟
قلت: لو قيل: ولا تطعهما، لجاز أن يطيع أحدهما؛ وإذا قيل: لا تطع أحدهما، علم أنّ الناهي عن طاعة أحدهما، عن طاعتهما جميعاً أنهى.....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فارجع عن هذا الأمر، قال عتبة: فأنا أُزوجك ابنتي وأسوقها إليك بغير مهر، وقال الوليد: أنا أعطيك من المال حتى ترضى، فارجع عن هذا الأمر، فأنزل الله هذه الآية".
قوله: (معناه: ولا تُطع منهم راكباً لما هو إثم داعياً لك إليه، أو فاعلاً لما هو كفر داعياً لك إليه)، قال القاضي: "التقسيم باعتبار ما يدعونه إليه؛ فإن ترتب النهي على الوصفين مُشعر بأنه لأجلهما، وذلك يستدعي أن تكون المطاوعة في الإثم والكفر محظوراً؛ فإن مطاوعتهما فيما ليس بإثم ولا كفر غير محظور".
قوله: (وإذا قيل: لا تطع أحدهما، علم أن الناهي عن طاعة أحدهما: عن طاعتهما جميعاً أنهى)، قيل: جوابه فاسد، لاحتمال أن يكون المطلوب ترك واحد منهما، أي واحد كان، لا


الصفحة التالية
Icon