..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترك كل واحد. ويجوز له الإتيان بواحد منهما، أي واحد كان، بشرط ترك الآخر، لأي الآخر كان. والجواب الصحيح أن "أو" في الإثبات تفيد أحد الأمرين، وفي النفي تُفيد نفي كلا الأمرين جميعاً.
وقلت: هذا السؤال مبني على أن "أو" للتخيير، وهو عين السؤال الذي أورده المصنف، حيث قال: "معنى ﴿أَوْ﴾: ولا تطع أحدهما، فهلا جيء بالواو" إلى آخره.
واعلم أن جواب المصنف إنما يتمشى إذا حققنا القول في هذا المقام، وذلك أن السؤال الأول وارد على إرادة العموم في قوله: ﴿آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾، لقوله: "كانوا كلهم كفرة". و ﴿أَوْ﴾ للتنويع لقوله: "فما معنى القسمة؟ "، وكان الوصف بالكفور والآثم علة للنهي كما سبق.
والسؤال الثاني وارد على أن المراد بالآثم عُتبة بعينه، وبالكفور الوليد نفسه. والمراد بالوصفين الذم، فيرد حينئذ السؤال الذي أورده، وتقريره أن "أو" يوهم أن المنهي عنه طاعة أحدهما لا على التعيين، والحال أن كليهما مُستحقان لأن لا يطاعا لما علم من حالهما، ولو جيء بالواو لأُزيل الوهم، ودل على أن السؤالين مُتفرعان على القولين الفاسدين فيهما.
وتقرير هذا الجواب: أن ﴿أَوْ﴾ حينئذ ليست للتخيير حتى يلزمنا ذلك، وإنما هي للإباحة، لما علم أن طاعة كل واحد منهما محترز عنهما، لما فيهما من تعاطي الإثم المبالغ والكفر الغالي. والمقام يقتضي المبالغة في النهي عن طاعتهما مُنفردين ومُجتمعين، ولو قيل: لا تُطعهما، لدل المنطوق على النهي عن طاعتهما مُجتمعين، وأوهم المفهوم جواز طاعة أحدهما فقيل: لا تُطع أحدهما، ليدل المنطوق على النهي عن طاعة أحدهما لا على التعيين، لأن كليهما مُستحقان لأن لا يُطاعا لما علم من حالهما، ولو جيء بالواو لأزيل الوهم ودل على الفحوى بمساعدة مُقتضى المقام على النَّهي عن طاعتهما جميعاً بالطريق الأولى.