(ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ) بالرفع على الاستئناف، وهو وعيدٌ لأهل مكة، يريد: ثم نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين، ونسلك بهم سبيلهم لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم. ويقويها قراءة ابن مسعود: "ثم سنتبعهم"، وقرئ بالجزم عطفاً على (نهلك)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ﴾ بالرفع على الاستناف)، أي: هو معطوف من حيث الحملية كما مر في قوله تعالى ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ [الفتح: ١٦]، أي هم يسلمون. قال أبو البقاء: "أي: ثم نحن نُتبعهم، وليس بمعطوف؛ لأن العطف يوجب أن يكون المعنى: أهلكنا المجرمين ثم أتبعناهم الآخرين في الهلاك، وليس كذلك؛ لأن إهلاك الآخرين لم يقع بعد"، ولهذا قال المصنف: "ثم أتبعهم الآخرين من قوم شعيب".
قوله: (ويُقويها قراءة ابن مسعود)، أي: يُقوي هذه القراءة، لأن معناها التهديد والوعيد لأهل مكة، بخلاف القراءة بالجزم، لأنه إخبار عن أتباع قوم لوط وشعيب وموسى قوم نوح وعاد وثمود في الإهلاك، و ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾ تذييل.
قوله: (وقُرئ بالجزم للعطف على ﴿نُهْلِكِ﴾)، قال ابن جني: "وهي قراءة الأعرج وتحتمل أمرين: أحدهما: ان يُراد بها معنى قراءة الجماعة "نُتبعهم" بالرفع، فأسكن العين استثقالاً لتوالي الحركات. والآخر: أن يُجزم عطفاً على "نُهلك"، فيجري مجرى قولك: ألم تزرني ثم أعطك؟ كقولك: فأُعطك؛ يريد أن قوماً أهلكهم الله عز وجل بعد قوم قبلهم، على اختلاف أوقات المرسلين إليهم شيئاً بعد شيء، ﴿كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ﴾؛ المجرمون من يُهلكهم من بعد، ويجوز من مضى".