وقرئ: (وفُتِحَتْ)، والتخفيف بالتشديد. والمعنى: كثرة أبوابها المفتحة لنزول الملائكة، كأنها ليست إلا أبواباً مفتحة، كقوله: (وفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا) [القمر: ١٢]، كأن كلهاً عيون تتفجر. وقيل: الأبواب الطرق والمسالك، أي: تكشط فينفتح مكانها وتصير طرقاً لا يسدها شيء. (فَكَانَتْ سَرَابًا) كقوله: (فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنْبَثًا) [الواقعة: ٦]. يعني أنها تصير شيئاً كلا شيء، لتفرق أجزائها وانبثات جواهرها.
[(إنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا • لِلطَّاغِينَ مَآبًا • لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا • لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا ولا شَرَابًا • إلاَّ حَمِيمًا وغَسَّاقًا • جَزَاءً وفَاقًا • إنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا • وكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا • وكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا • فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إلاَّ عَذَابًا) ٢١ - ٣٠]
المرصاد: الحد الذي يكون فيه الرصد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿وَفُتِحَتِ﴾، بالتخفيف والتشديد)، بالتخفيف: حمزة والكسائي وعاصم، والباقون: بالتشديد. وعن بعضهم ﴿وَفُتِحَتِ﴾ معطوف على ﴿فَتَأْتُونَ﴾، وليس بشرط أن يتوافقا في الزمان كما يظن من ليس واقفاً على هذا النوع. وقلت: هما متوافقان معنى عند من تدرب في هذا النوع، فإن كلاً من المعطوفين يكتسب من معنى الآخر؛ فإن عطف الماضي على المضارع، الدلالة على أنهما واقعان البتة؛ لأن المخبر صادق، وكون المعطوف عليه مضارعاً، مشعر بأنهما حكايتان للحال الآتية، تصويراً لتينك الحالتين الفظيعنتين في مشاهدة السامع، كما في قوله: ﴿وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ [السجدة: ١٢] والله أعلم.
قوله: (الرصد)، جمع راصد، وهم الحراس. الجوهري: "الرصد: القوم يرصدون كالحرس، يستوي فيه الواحد والجمع".