وقرئ: (ولا كِذَّابًا) بالتشديد والتخفيف، أي: لا يكذب بعضهم بعضاً ولا يكذبه. أو لا يكاذبه. وعن علي رضي الله عنه أنه قرأ بتخفيف الاثنين (جَزَاءً) مصدر مؤكد منصوب بمعنى قوله: (إنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا) كأنه قال: جازى المتقين بمفاز. و (عَطَاءً) نصب بـ (جَزَاءً) نصب المفعول به. أي: جزاهم عطاء. و (حِسَابًا) صفة بمعنى: كافياً،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتسلم فتحة الياء ولوقاية الفعل من الجر، وقد أدخلوها في أسماء مخصوصة نحو: قدني وقطني وعني ولَدُني، ولا يقاس عليها في الصحاح.
قوله: (وقُرئ: ﴿وَلَا كِذَّابًا﴾ بالتشديد والتخفيف)، الكسائي: بالتخفيف، والباقون: بالتشديد، قيل: ذكر للتشديد معنى، وللتخفيف معنيان، أحدهما: أن يكون مصدر "فعل"، وثانيهما: مصدر "فاعل".
قوله: (بتخفيف الآيتين)، أي: بتخفيف: "كذبوا" و"كذابا"، وفي نسخة "الاثنين"، أي: ﴿كِذَّابًا﴾ في الآيتين.
قوله: (﴿جَزَاءً﴾: مصدر مؤكد)، إلى قوله: (﴿عَطَاءً﴾ نصب بـ (﴿جَزَاءً﴾ نصب المفعول به). قال الزجاج: " (﴿جَزَاءً﴾: منصوب بمعنى (﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا﴾، أي: جازاهم بذلك جزاءً، وكذلك ﴿عَطَاءً﴾؛ لأن معنى أعطاهم وجازاهم واحد". وبينه أبو البقاء حيث قال: ﴿عَطَاءً﴾: اسم للمصدر، وهو بدل من ﴿جَزَاءً﴾.
وأورد صاحب "الفرائد" على ثول المصنف: المصدر إنما يعمل إذا كان مُنزلاً منزلة "أن" مع الفعل، والمنصوب على المصدر لم يكن واقعاً موقعه، وكذا في "اللباب"، قال: "ويعمل عمل فعله ماضياً كان أو غيره إذا لم يكن مفعولاً مطلقاً". وقال شارحه: "لأنه إذا كان مفعولاً نحو: ضربت ضرباً زيداً، فإن العمل للفعل لا للمصدر لوجهين، أحدهما: أن الفعل هو الأصل، فلا يُعدل عنه إلى الفرع بلا موجب، والثاني: أن المصدر إنما يعمل لكونه مصدراً