من: أحسبه الشيء؛ إذا كفاه حتى قال: حسبي. وقيل: على حسب أعمالهم. وقرأ ابن قطيب (حسابا) بالتشديد، على أن الحساب بمعنى المحسب، كالدراك بمعنى المدرك.
[(رَبِّ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ومَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا • يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والْمَلائِكَةُ صَفًا لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وقَالَ صَوَابًا • ذَلِكَ اليَوْمُ الحَقُّ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إلَى رَبِّهِ مَآبًا) ٣٧ - ٣٩].
قرئ: (رب السموات) و (الرحمن) بالرفع، على: هو رب السموات الرحمن. أو (رب السموات) مبتدأ، و (الرحمن) صفة، و (لا يَمْلِكُونَ): خبر، أو هما خبران. وبالجر على البدل من (رَبِّكَ)، وبجر الأول ورفع الثاني على أنه مبتدأ خبره (لا يَمْلِكُونَ)، أو هو الرحمن لا يملكون، والضمير في (لا يَمْلِكُونَ) لأهل السماوات والأرض، أي: ليس في أيديهم مما يخاطب به الله ويأمر به في أمر الثواب والعقاب خطاب واحد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بمعنى "أن" والفعل نحو: أعجبني ضرب زيد عمراً، أي: أن ضرب زيد عمراً، ولا يمكن إذا وقع مفعولاً مطلقاً ذلك، إذ لا يقال: ضربت أن ضرب زيد عمراً، إذ لا يؤكد الفعل بأن بل بالمصدر صريحاً، وإنما يُقدر بالمصدر بـ "أن" والفعل؛ لأن الاسم حقه أن لا يعمل، وأصل العمل للفعل"، والعجب أن الشارح تبع صاحب "الكشاف" في التقريب مع قوله هذا.
قوله: (حتى قال: حسبي)، في "الكواشي": أعطاني فأحسبني، أي: أكثر عليّ، أي: أكثر عليَّ حتى قلت: حسبي.
قوله: (قُرئ: "رب السماوات" و "الرحمن" بالرفع)، الكوفيون وابن عامر: ﴿رَّبِّ﴾ بالخفض، وعاصم وابن عامر: ﴿وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَنِ﴾ بالخفض أيضاً، والباقون: برفع الاسمين.
قوله: (ليس في أيديهم مما يُخاطب به الله) إلى قوله: (خطابٌ واحد)، يريد أن التنكير في ﴿خِطَابًا﴾ للتقليل، ومن: بيان، والظرف: حال من ﴿خِطَابًا﴾. المعنى: ليس في أيديهم خطابٌ كائنٌ من عند الله في أمر الشفاعة قط، أي: ليس لهم ممسك ونص يتصرفون به في أمر الشفاعة.


الصفحة التالية
Icon