لأن الليل ظلها والشمس هي السراج المثقب في جوها. (مَاءَهَا) عيونها المتفجرة بالماء (ومَرْعَاهَا) ورعيها، وهو في الأصل موضع الرعي. ونصب الأرض والجبال بإضمار (دحا) و (أرسى)، وهو الإضمار على شريطة التفسير. وقرأهما الحسن مرفوعين على الابتداء.
فإن قلت: هلا أدخل حرف العطف على أخرج؟
قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يكون معنى (دَحَاهَا) بسطها ومهدها للسكنى، ثم فسر التمهيد بما لا بدّ منه في تأتي سكناها، من تسوية أمر المأكل والمشرب؛ وإمكان القرار عليها، والسكون بإخراج الماء والمرعى، وإرساء الجبال وإثباتها أوتاداً لها حتى تستقر ويستقر عليها......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام: "إنما أضاف الليل والنهار، لأن الليل والنهار إنما يحدثان بسبب غروب الشمس وطلوعها، وهما إنما يحصلان بسبب حركة الفلك".
قوله: (ورعيها)، الجوهري: "الرعي بالكسر: الكلأ، وبالفتح: المصدر، والمرعى: الرعي والموضع".
قوله: (وقرأهما الحسن مرفوعين)، أي: الأرض والجبال. قال الزجاج: "القراءة بنصب الأرض على معنى: ودحا الأرض بعد ذلك، وفسر هذا المضمر فقال: ﴿وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾، وهو أجود من الرفع؛ لأنك أن تعطف بفعل على فعل أحسن".
قوله: (ثم فسر التمهيد بما لا بد منه في تأتي سُكناها)، وفي تفسيره لف ونشر، الانتصاف: "هذا الجواب أحسن من الثاني؛ لأنه مناسب لقوله: ﴿أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (رَفَعَ سَمْكَهَا﴾.