(فِيمَ أَنتَ) في أي شيء أنت من أن تذكر وقتها لهم وتعلمهم به، يعني: ما أنت من ذكرها لهم وتبيين وقتها في شيء. وعن عائشة رضي الله عنها، لم يزل رسول الله ﷺ يذكر الساعة يسأل عنها حتى نزلت، فهو على هذا تعجب من كثرة ذكره لها، كأنه قيل: في أي شغل واهتمام أنت من ذكرها والسؤال عنها. والمعنى: أنهم يسألونك عنها، فلحرصك على جوابهم لا تزال تذكرها وتسأل عنها، ثم قال: (إلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا) أي: منتهى علمها؛ لم يؤت علمها أحداً من خلقه. وقيل: (فِيمَ) إنكار لسؤالهم، أي: فيما هذا السؤال، ثم قيل: (أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا)، أي: إرسالك وأنت خاتم الأنبياء وآخر الرسل المبعوث في نسم الساعة، ذكر من ذكرها وعلامة من علاماتها،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالى: ﴿وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا﴾ [الإنسان: ٢٧]؛ فلم يطلق الإرساء إلا على ما فيه ثقل كالجبال والسفينة".
قوله: (وتعجب من كثرة ذكره لها، أي: في أي شغل أنت من ذكراها)، الانتصاف: "وفيه ضعف؛ لأن قوله: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾ [الأعراف: ١٨٧] يرده".
قلت: صدق، قال المصنف: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا﴾: كأنك بليغ في السؤال عنها، يعني: يسألونك عنها، لأنهم يزعمون أنك بليغ في السؤال عنها، وليس كما يزعمون.
قوله: (ثم قيل: ﴿أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا﴾)، الانتصاف: "فعلى هذا يوقف على قوله: ﴿فِيمَ﴾ ليفصل بين الكلامين".
قوله: (في نسم الساعة)، الجوهري: "نسم الساعة: حين ابتدأت وأقبلت أوائلها، ونسيم الريح: أولها حين تقبل".


الصفحة التالية
Icon