إنَّهُ كَانَ غَفَّارًا • يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا • ويُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وبَنِينَ ويَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ ويَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا • مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وقَارًا • وقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا • أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ الله سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا • وجَعَلَ القَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا • والله أَنْبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا • ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا ويُخْرِجُكُمْ إخْرَاجًا • والله جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا • لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا) ٥ - ٢٠]
(لَيْلاً ونَهَارًا) دائباً من غير فتور مستغرقا به الأوقات كلها (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي) جعل الدعاء فاعل زيادة الفرار. والمعنى على أنهم ازدادوا عنده فرارا، لأنه سبب الزيادة، ونحوه: (فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلَى رِجْسِهِمْ) [التوبة: ١٢٥]، (فَزَادَتْهُمْ إيمَانًا) [التوبة: ١٢٤].
(لِتَغْفِرَ لَهُمْ) ليتوبوا عن كفرهم فتغفر لهم، فذكر المسبب الذي هو حظهم خالصاً ليكون أقبح لإعراضهم عنه. سدوا مسامعهم عن استماع الدعوة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام: ﴿لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، يعني: كُنتم من أهل النظر والعلم، وفيه: أنهم لا نهماكهم في حب الدنيا، كأنهم شاكون في الموت".
قوله: (والمعنى على أنهم ازدادوا عنده فراراً)، يُريد انه من الإسناد المجازي.
قوله: (فَذَكَرَ المسبب الذي هو حظهم خالصاً)، يعني: جرد المسبب عن السبب، ليكون أشنع عليهم، أي: ليس مقصودي من دعوتكم إلى الإيمان والطاعة، سوى المنفعة العائدة عليكم، فما أقبح إعراضكم عما ينفعكم! قال الإمام: "إنما دعاهم نوح عليه السلام إلى العبادة والتقوى، لأجل أن يغفر الله لهم؛ فإن المقصود الأولي هو حصول المغفرة، فالطاعة إنما تطلب للتوسل بها إليها".