وقد حفر لها بئراً في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها: انظري فيها، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب، حتى تستوي البئر بالأرض. وقيل: كانت الحامل إذا أقربت حفرت حفرةً فتمخضت على رأس الحفرة؛ فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة، وإن ولدت ابناً حبسته.
فإن قلت: ما حملهم على وأد البنات؟
قلت: الخوف من لحوق العار بهم من أجلهنّ، أو الخوف من الإملاق، كما قال الله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) [الإسراء: ٣١]، وكانوا يقولون: إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به، فهو أحق بهنّ. وصعصعة بن ناجية ممن منع الوأد؛ فيه افتخر الفرزدق في قوله:

ومنّا الّذي منع الوائدات فأحيا الوئيد فلم توأد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومنا الذي) البيت، وفي رواية:
وجدي الذي
الوئيد: فعيل بمعنى مفعول، فلذا لم يؤنث. روي أن صعصعة جد الفرزدق قدم على رسول الله؟، فعرض عليه الإسلام، فقال له: يا رسول الله، عملت أعمالاً في الجاهلية، فهل لي فيها أجر؟ أحييت ثلاث مئة وستين من الموءودة، واشتريت كل واحدة منها بناقتين عشراوين وجمل، قال رسول الله؟ :"هذا باب من البر ولك أجره إذ من الله عليك بالإسلام"، وبه افتخر الفرزدق، والله أعلم بصحبته.
وعد صاحب "الاستيعاب" صعصعة جد الفرزدق في الصحابة، وقال: روى عنه


الصفحة التالية
Icon