فإن قلت: فما معنى سؤال الموءودة عن ذنبها الذي قتلت به؛ وهلا سئل الوائد عن موجب قتله لها؟
قلت: سؤالها وجوابها تبكيتٌ لقاتلها، نحو التبكيت في قوله تعالى لعيسى: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتخذوني) إلى قوله: (سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ) [المائدة: ١١٦]. وقرئ: (سألت)، أي: خاصمت عن نفسها، وسألت الله أو قاتلها؛ وإنما قيل (قُتِلَتْ) بناءً على أن الكلام إخبارٌ عنها؛ ولو حكي ما خوطبت به حين سئلت. فقيل: قتلت أو كلامها حين سئلت لقيل: قتلت. وقرأ ابن عباسٍ رضي الله عنهما: (قتلت)، على الحكاية، وقرئ (قتلت) بالتشديد،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
طفيل بن عمرو، وابنه عقال بن صعصعة، وروى عنه الحسن، وكان من أشراف بني تميم وكان في الجاهلية يفتدي الموءودات من بني تميم، وقال الفرزدق فيه:
وجدي الذي منع الوائدات وأحيا الوئيد فلم تُوأد
قوله: (فما معنى سؤال الموءودة؟ ) الفاء دلت على إنكار على كلامه السابق، أي: ذكرت أن موجب الوأد؛ إما خوف العار أو الإملاق، لا من ذنب صدر عنها، فما معنى سؤال الموءودة، إلى آخره.
قوله: (تبكيت لقائلها)، الأساس: "بكته بالحجة وبكته: غلبه، يقال: بكته حتى أسكته". وتقريره أن المجني عليه إذا سُئل بمحضر من الجاني ونُسب إليه الجناية دون الجاني، كان ذلك بعثاً للجاني على التفكر في حال نفسه وحال المجني عليه، فيعثر على براءة ساحة صاحبه، وعلى أنه هو المستحق لكل نكال فيفحم، وهذا نوع من الاستدراج واقع على طريق التعريض.