وفيه دليلٌ بينٌ على أن أطفال المشركين لا يعذبون، وعلى أن التعذيب لا يستحق إلا بالذنب، وإذا بكت الله الكافر ببراءة الموؤودة من الذنب: فما أقبح به، وهو الذي لا يظلم مثقال ذرّةٍ أن يكرّ عليها بعد هذا التبكيت فيفعل بها ما تنسى عنده فعل المبكت من العذاب الشديد السرمد! وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه سئل عن ذلك، فاحتجّ بهذه الآية. (نُشِرَتْ) قرئ بالتخفيف والتشديد، يريد: صحف الأعمال؛ تطوى صحيفة الإنسان عند موته، ثم تنشر إذا حوسب. عن قتادة: صحيفتك يا ابن آدم تطوى على عملك، ثم تنشر يوم القيامة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفيه دليل بين على أن أطفال المشركين لا يُعذبون)، ودليله أنه إذا بكت الله الكافرين ببراءة الموءودة من الذنب، فما أقبح به، وهو الذي لا يَظلم مثقال ذرة، أن يكر عليها بعد ذلك هذا التبكيت! وهو مبني على مسألة الحسن والقُبح العقلي. وروينا خلافه عن البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي، عن ابن عباس قال: سئل رسول الله؟ عن أولاد المشركين، فقال: "الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين". تفسيره ما روى أبو داود، عن عائشة رضي الله عنها، قلت: يا رسول الله، ذراري المؤمنين؟ فقال: "من آبائهم"، فقلت: يا رسول الله، بلا عمل؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين. قلت: يا رسول الله، فذراري المشركين؟ فقال: "من آبائهم"، أي: متصلين بهم، كقوله تعالى: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ﴾ [التوبة: ٦٨]. وفي "مسند" الإمام أحمد بن حنبل: سألت خديجة عن ولدين ماتا لها في الجاهلية، فقال رسول الله؟ :"هما في النار".
قوله: (﴿نُشِرَتْ﴾ قُرئ بالتخفيف)، نافع وعاصم وابن عامر، والباقون: بتشديدها.


الصفحة التالية
Icon