[(وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) ٢٢].
(وَما صاحِبُكُمْ) يعنى: محمداً ﷺ (بِمَجْنُونٍ) كما تبهته الكفرة، وناهيك بهذا دليلاً على جلالة مكان جبريل عليه السلام وفضله على الملائكة، ومباينة منزلته أفضل الإنس محمد صلى الله عليه وسلم، إذا وازنت بين الذكرين حين قرن بينهما، وقايست بين قوله: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)، وبين قوله: (وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وناهيك بهذا دليلاً على جلالة مكان جبريل... ومُباينة منزلة لمنزلة أفضل الإنس)، الانتصاف: "ما يرضى له جبريل هذا التفسير المقتضي لتنقيص البشير النذير، السراج المنير، وقد قيل: الرسول الكريم محمد صلوات الله عليه، ولو كان جبريل، وقيل بتفضيل الملائكة مثلاً، لما جاز أيضاً؛ لأنهم اتفقوا على أنه لا يجوز تنقيص أحد منهم بتعيين من يفضل عليه بعينه، وفي معناه: "لا تُفضلوني على يونس بن متى"، فلو قلت: زيد أفضل أهل عصره لما شق [على أحد، بخلاف] ما إذا قلت: هو أفضل منك أيها المخاطب. وهذه الصفات إذا سُلمت لجبريل في حق نبينا في آخر الحاقة: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [الآية: ٤٠] ".
وإن قيل: هو جبريل: رد بقوله: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ﴾ [الحاقة: ٤١]. والزمخشري وافق هناك. وقوله: ﴿ذِي قُوَّةٍ﴾، لا نزاع أن جبريل أقوى، وقوله: ﴿مُّطَاعٍ﴾، فطاعة الملائكة لنبينا ظاهرة، فقال له ملك الجبال: إن الله أمرني أن أُطيعك، فإن أمرتني أن أُطبق عليهم الأخشبين فعلت. وله الشفاعة: العامة والخاصة. وأما أنه أمين فقوله صلوات الله عليه: "إني أمين في السماء أمين في الأرض".


الصفحة التالية
Icon