ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ}، وتخليدهم حق ولكن ليس واجباً على الله، ويجوز عقلاً أن لا يُخلد الكافر وأن يدخله الجنة لولا ورود السمع، فالله يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد".
وقلت: الحق العموم في الآية كما ذهب إليه المصنف. وقال الإمام: "في الإنسان قولان، أحدهما: أنه الكافر، لقوله: ﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾، والثاني: أنه متناول لجميع العُصاة، وهو الأقرب؛ لأن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ".
وقلت: والنظم يساعد عليه، وذلك أن قوله: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنسَانُ﴾ إلى قوله: ﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾، كالاعتراض بين قرينتي الجمع والتقسيم. فإن قوله: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾، عام اشتمل على الفُجار والأبرار، وقوله: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾، تقسيم تضمن معنى التفريق، فإنه تعالى لما بين أحوال القيامة بانفطار السماء وانتثار الكواكب وانفجار الأبحر والبعث عن القبور، ثم إطلاع كل نفس: برها وفاجرها على عملها، خيرها وشرها، نبه جنس الإنسان عن رقدة الغفلة وسنة الجهالة بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ﴾، يعني: أيها الغافل، وراءك هذا الخطب الجسيم والخطر العظيم، وأنت قد اغتررت بما تكرم عليك ربك حيث خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك، فاشتغلت بذلك عن التزود لدار القرار، وأخلدت إلى دار الغرور، ولما كان مؤدى هذه الغفلة، الاغترار إلى الذهول عن المستقر الأصلي، نزله منزلة التكديب بيوم الدين، حتى أضرب عنه بقوله: ﴿كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ﴾، وهذا كما ترى من حال المتمادي في أمور الدنيا من المتسمين بالإسلام، إذا سمع شيئاً من أمر الآخرة تقبض واشمأز لغاية انهماكه في لذات العاجلة. ونظيره في تهديد المطففين: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ﴾ [المطففين: ٤]، جعلهم