(ما) في (ما شاءَ) مزيدة، أي: ركبك في أيّ صورةٍ اقتضتها مشيئته وحكمته من الصور المختلقة في الحسن والقبح والطول والقصر، والذكورة والأنوثة، والشبه ببعض الأقارب وخلاف الشبه.
فإن قلت: هلا عطفت هذه الجملة كما عطف ما قبلها؟
قلت: لأنها بيانٌ لعدلك.
فإن قلت: بم يتعلق الجار؟
قلت: يجوز أن يتعلق بركبك على معنى: وضعك في بعض الصور ومكنك فيه، وبمحذوف أي: ركبك حاصلاً في بعض الصور؛ ومحله النصب على الحال إن علق بمحذوف، ويجوز أن يتعلق بعدلك، ويكون في «أيّ» معنى التعجب، أي فعدلك في صورةٍ عجيبة، ثم قال: ما شاء ركبك. أي ركبك ما شاء من التراكيب، يعنى تركيباً حسناً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هلا عُطفت هذه الجملة؟ )، أي: قوله: ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾، أي: لِمَ لَمْ يقل: ففي أي صورة، أو: فركَّبك في أي صورة؟ كما عطف ما قبلها، أي: قوله: ﴿فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ﴾.
قوله: (ويجوز أن يتعلق بعَدَلَك)، عطف على قوله: "يجوز أن يتعلق بـ ﴿رَكَّبَكَ﴾ "، وعلى الأول إما صلة له وضمن "ركب" معنى "وضع"، أو حال من المنصوب فيه، وعلى التقديرين الجملة بيان للجملة الأولى، وعلى الوجه الثاني ﴿مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ﴾ بيان، فإنه لما قيل: ﴿فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ﴾ على التعجب، والتنكير للتفخيم، قيل: ما ذلك التعديل المفخم العجيب الشأن، وأجيب: لا يحيط الوصف بذلك، فإنه كما شاء الله ركبك، ولا يعلم ذلك إلا هو.
قال صاحب "الكشف": ﴿مَّا﴾ صلة زائدة، و ﴿شَاءَ﴾: في موضع الجر صفة لـ ﴿صُورَةٍ﴾، و ﴿فِي أَيِّ صُورَةٍ﴾: صلة ﴿رَكَّبَكَ﴾، أي: عدلك وركبك في أي صورة شاء، فحُذف لكون