بمعنى: جنيت لك، ويصيد لك. وأن يكون على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، والمضاف هو المكيل أو الموزون، ولا يصح أن يكون ضميراً مرفوعاً للمطففين؛ لأنّ الكلام يخرج به إلى نظمٍ فاسد؛ وذلك أنّ المعنى: إذا أخذوا من الناس استوفوا، وإذا أعطوهم أخسروا؛ وإن جعلت الضمير للمطففين انقلب إلى قولك: إذا أخذوا من الناس استوفوا، وإذا تولوا الكيل أو الوزن هم على الخصوص أخسروا، وهو كلام متنافرٌ، لأنّ الحديث واقعٌ في الفعل لا في المباشر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والمضاف هو المكيل أو الموزون)، أي: كالوا مكيلهم أو وزنوا موزونهم.
قوله: (وهو كلام متنافر؛ لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشر)، أي: الحديث في أن هذا الفعل، وهو الإخسار، يصدر منهم، لا أن غيرهم لا يُخسرون.
الانتصاف: "لا تنافر فيه، ولا يجعل هذا العامل في الضمير ليكون دالاً على المباشرة، بل المعنى: إذا كان الكيل من جهة غيرهم استوفوه، وإذا كان من جهتهم خاصة أخسروه، سواء باشروه أم لا. ويدل على أن الضمير لا يُعطي المباشرة أنك تقول: الأمراء هم الذين يُقيمون الحدود لا السوقة، وإن كانوا لا يباشرونه".
وقلت: هذا بمعزل عن مقصد المصنف؛ لأنه يريد أن الضمير إذا جُعل للمطففين أفاد التركيب معنى الحصر، لما يؤدي تقديم الفاعل المعنوي على عامله في قوله: هم يخسرون إلى معنى الاختصاص وأن الخُسران واقع، وإنما الكلام في فاعله ومباشره أنه: هم أو غيرهم، فقيل: ﴿يُخْسِرُونَ﴾ ليفيد ما قال: هم على الخصوص أخسروا دون غيرهم، وليس الكلام إلا في الإخبار عنهم أنهم يُخسرون، فلو أُريد ذلك لخرج الكلام عن مقابلة ما قبله، إذ المقصود بيان اختلاف حالهم في الأخذ والدفع لا في الاختصاص، هذا هو المراد، فظن صاحب


الصفحة التالية
Icon