ونصب (يَوْمَ يَقُومُ) بـ (مبعوثون). وقرئ: بالجر بدلاً من (يَوْمٍ عَظِيمٍ). وعن ابن عمر أنه قرأ هذه السورة فلما بلغ قوله: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ). بكى نحيبا وامتنع من قراءة ما بعده.
[(كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ * كِتابٌ مَرْقُومٌ) ٧ - ٩].
(كَلَّا) ردعهم عما كانوا عليه من التطفيف والغفلة عن ذكر البعث والحساب، ونبههم على أنه مما يجب أن يتاب عنه ويندم عليه، ثم أتبعه وعيد الفجار على العموم. وكتاب الفجار: ما يكتب من أعمالهم.
فإن قلت: قد أخبر الله عن كتاب الفجار بأنه في سجين، وفسر سجيناً بكتابٍ مرقوم؛ فكأنه قيل: إن كتابهم في كتابٍ مرقوم. فما معناه؟
قلت: (سِجِّينٍ) كتابٍ جامعٍ هو ديوان الشر،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿سِجِّينٍ﴾: كتاب جامع)، تلخيصه ما قال الإمام: "وأي استبعاد في كون أحد الكتابين في الآخر، إما بأن يوضع كتاب الفُجار في الكتاب الذي هو الأصل المرجوع إليه في تفصيل أحوال الأشقياء، أو بأن ينقل ما في كتاب الفُجار إلى ذلك الكتاب المسمى بالسجين، قال القفال: "كتاب مرقوم": ليس غير السجين، والتقدير: كتاب الفجار لفي سجين، وإن كتاب الفجار كتاب مرقوم، وقد وصف كتاب الفُجار بوصفين، ويكون قوله: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ﴾ اعتراضاً".
وقال الإمام: "وفيه وجه آخر، وهو أن يكون المراد من الكتاب الكتابة، والمعنى: أن كتابة الفجار، أي، كتابة أعمالهم في سجين، ثم وصف السجين بأنه كتاب مرقوم فيه جميع أعمال الفجار".


الصفحة التالية
Icon