كقولك: فعل ذلك فلانٌ الفاسقٌ الخبيث. (كَلَّا) ردعٌ للمعتدى الأثيم عن قوله: (رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ) ركبها كما يركب الصدأ وغلب عليها: وهو أن يصر على الكبائر ويسوّف التوبة حتى يطبع على قلبه، فلا يقبل الخير ولا يميل إليه. وعن الحسن: الذنب بعد الذنب حتى يسودّ القلب. يقال: ران عليه الذنب وغان عليه، ريناً وغيناً، والغين: الغيم، ويقال: ران فيه النوم رسخ فيه، ورانت به الخمر: ذهبت به. وقرئ: بإدغام اللام في الراء وبالإظهار، والإدغام أجود، وأميلت الألف وفخمت. (كَلَّا) ردعٌ عن الكسب الرائن على قلوبهم. وكونهم محجوبين عنه: تمثيلٌ للاستخفاف بهم وإهانتهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ردع للمعتدي الأثيم عن قوله)، أي: قوله: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾، قال الإمام: "ليس الأمر كما يقول من أن ذلك أساطير الأولين، بل أفعالهم الماضية صارت سبباً لحصول الدين في قلوبهم".
قوله: (الذنب بعد الذنب حتى يسود القلب)، روينا عن الإمام أحمد بن حنبل والترمذي وابن ماجه، عن أبي هريرة أن رسول الله؟ قال: "إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكتت في قلبه نُكتة سوداء، فإذا نزع واستغفر وتاب صُقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكره الله تعالى في كتابه: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم﴾ ".
قوله: (وقُرئ بإدغام اللام في الراء)، أبو بكر وحمزة والكسائي: ﴿بَلْ رَانَ﴾، بإمالة فتحة الراء، والباقون: بتفخيمها، وحفص: يسكت على اللام من ﴿بَلْ﴾. قال الزجاج: "والإدغام في الراء أجود، لقُرب مخرج اللام من الراء، ولغلبة الراء على اللام، وإظهار اللام جائز؛ لأن اللام من كلمة والراء من أُخرى".
قوله: (وكونهم محجوبين عن ربهم: تمثيل للاستخفاف بهم)، أي: مُثلت حالهم في إهانتهم