فقال للملك: لست بقاتلي حتى تجمع الناس في صعيد وتصلبني على جذع وتأخذ سهماً من كنانتي وتقول: بسم الله رب الغلام، ثم ترميني به، فرماه فوقع في صدغه فوضع يده عليه ومات؛ فقال الناس: آمنا برب الغلام؛ فقيل للملك: نزل بك ما كنت تحذر؛ فأمر بأخاديد في أفواه السكك وأوقدت فيها النيران، فمن لم يرجع منهم طرحه فيها حتى جاءت امرأة معها صبي فتقاعست أن تقع فيها، فقال الصبي: يا أماه، اصبري فإنك على الحق؛ فاقتحمت. وقيل: قال لها قعي ولا تنافقي. وقيل: قال لها: ما هي إلا غميضة فصبرت.
وعن علي رضي الله عنه: أنهم حين اختلفوا في أحكام المجوس قال: هم أهل كتاب وكانوا متمسكين بكتابهم، وكانت الخمر قد أحلت لهم، فتناولها بعض ملوكهم فسكر، فوقع على أخته فلما صحا ندم وطلب المخرج، فقالت له: المخرج أن تخطب الناس فتقول: يا أيها الناس، إن الله أحل نكاح الأخوات، ثم تخطبهم بعد ذلك فتقول: إن الله حرمه؛ فخطب فلم يقبلوا منه فقالت له: ابسط فيهم السوط؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلججوه: أي أدخلوه في لجة البحر. وروى عن المصنف أنه قال: هو سفينة صغيرة، وأهل جدة يقولون: سنبوك، وجمعه سنابيك.
قوله: (فاقتحمت)، أي: رمت نفسها من غير روية.
قوله: (قفي)، ويروى: "قعي".
قوله: (وما هي إلا غُميضة)، يقال: أغمض عينها، وغمضها: إذا أطبق أجفانها، والضمير أي: هي، قيل: يعود إلى النار، يعني: ليس العذاب بتلك النار إلا زماناً قليلاً قدر إطباق أجفان العين، ويمكن أن يقال: إن الضمير للقصة، أي: ليس الأمر إلا قدر إطباق العين.


الصفحة التالية
Icon