فلم يقبلوا؛ فقالت له: ابسط فيهم السيف، فلم يقبلوا؛ فأمرته بالأخاديد وإيقاد النيران وطرح من أبى فيها؛ فهم الذين أرادهم الله بقوله: (قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ).
وقيل: وقع إلى نجران رجل ممن كان على دين عيسى عليه السلام، فدعاهم فأجابوه فسار إليهم ذو نواس اليهودي بجنود من حمير، فخيرهم بين النار واليهودية فأبوا، فأحرق منهم اثني عشر ألفاً في الأخاديد، وقيل: سبعين ألفاً؛ وذكر أن طول الأخدود، أربعون ذراعاً وعرضه اثنا عشر ذراعاً. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا ذكر أصحاب الأخدود تعوذ من جهد البلاء. (النَّارِ) بدل اشتمال من الأخدود، (ذَاتِ الوَقُودِ) وصف لها بأنها نار عظيمة لها ما يرتفع به لهبها من الحطب الكثير وأبدان الناس، وقرئ: (الوقود)، بالضم (إِذْ) ظرف لقتل، أي لعنوا حين أحدقوا بالنار قاعدين حولها. ومعنى (عَلَيْهَا) على ما يدنو منها من حافات الأخدود، كقوله:
وبات على النار النّدى والمحلق
وكما تقول: مرت عليه، تريد: مستعلياً لمكان يدنو منه، ومعنى شهادتهم على إحراق المؤمنين: أنهم وكلوا بذلك وجعلوا شهوداً يشهد بعضهم لبعض عند الملك أن أحداً منهم لم يفرط فيما أمر به وفوض إليه من التعذيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (من جهد البلاء)، أي: من شدة البلاء والتكليف فوق الطاقة.
قوله: (وبات على النار النَّدى والمحلق)، أوله:
تُشب لمقرورين يصطليانها
تُشب: تُوقد، المقرور: من أصابه البرد، والمحلق: اسم رجل مضى شرحه غير مرة.