ومعناه: إن ذلك الذي خلق الإنسان ابتداء من نطفة (عَلَى رَجْعِهِ) على إعادته خصوصاً (لَقَادِرٌ) لبين القدرة لا يلتاث عليه ولا يعجز عنه. كقوله:
إنني لفقير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الراكب بيده. المؤدم: أي المتخذ من الأديم. وعن بعضهم: جاء الصُّلب، بضمتين، وقد قُرئ به، واستشهد بقول الشاعر.
قوله: (وما معناه: إن ذلك الذي خلق الإنسان)، يعني: إن في مجيء الفعل مجهولاً أولاً، والإضمار قبل الذكر ثانياً، الدلالة على أن الكلام من باب إرخاء العنان. أي: ما أقول: إنني أنا المبدئ والمعيد، بل أقول: إن ذلك الذي تعورف عندكم واشتهر وتقرون أنه الخالق، هو القادر على الإعادة؛ فجيء بإن واللام وتنكير الخبر، ليدل على رد بليغ، وعلى إنكار مبالغ عنهم، بأنه لا حشر ولا نشر، بل إما تعطيل أو أمر آخر كما اختلف فيه المبطلون.
يعني: لا تتعلق القدرة بشيء من الأشياء، إلا بإعادة الأرواح إلى الأجساد، ومن ثم نص على قوله: "على إعادته خصوصاً ﴿لَقَادِرٌ﴾؛ قال الإمام: "الضمير في ﴿إِنَّهُ﴾ للخالق، مع أنه لم يتقدم ذكره، لأنه قد تقرر في بدائه العقول، أن القادر على هذه التصرفات هو الله تعالى، ولذلك كان كالمذكور".
قوله: (لا يلتاث عليه)، الجوهري: "الالتياث: الاختلاط والالتفات، يقال: التاثت الخطوب والتاثت برأس القلم شعرة". يعني: دل التنكير في ﴿لَقَادِرٌ﴾ على كمال القدرة، كما التنكير في قول الشاعر:
لئن كان يهدي برد أنيابه العلا لأفقر مني، إنني لفقير
يريد: بليغ الفقر جداً، ومضى شرحه في "البقرة".


الصفحة التالية
Icon