وقيل: قوله (فَلا تَنسَى) على النهي، والألف مزيدة للفاصلة، كقوله: (السَّبِيلا) [الأحزاب: ٦٧] يعني: فلا تغفل قراءته وتكريره فتنساه، إلا ما شاء الله أن ينسيكه برفع تلاوته للمصلحة، (إنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ) يعني: أنك تجهر بالقراءة مع قراءة جبريل عليه السلام مخافة التفلت، والله يعلم جهرك معه وما في نفسك مما يدعوك إلى الجهر، فلا تفعل، فأنا أكفيك ما تخافه. أو يعلم ما أسررتم وما أعلنتم من أقوالكم وأفعالكم، وما ظهر وبطن من أحوالكم، وما هو مصلحة لكم في دينكم ومفسدة فيه، فينسى من الوحي ما يشاء؛ ويترك محفوظاً ما يشاء.
[(ونُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى • فَذَكِّرْ إن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى • سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى • ويَتَجَنَّبُهَا الأَشْقَى • الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الكُبْرَى • ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيهَا ولا يَحْيَى) ٨ - ١٣]
(ونُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى) معطوف على (سَنُقْرِئُكَ) وقوله: (إنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ ومَا يَخْفَى) اعتراض، ومعناه: ونوفقك للطريقة التي هي أيسر وأسهل،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: قوله ﴿فَلَا تَنسَى﴾ على النهي، والألف مزيدة)، قال أبو علي: "نهاه عن التشاغل والإهمال المؤديين إلى نسيان ما يقرأ، لأن النسيان ليس بفعل الناسي فينهي عنه لأنه من فعل الله، فيحدثه عند إهمال تكريره وترك مراعاته". وقلت: ونحوه قوله تعالى: ﴿فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٢]، وقولهم: لا أُرينك هاهنا، وإليه الإشارة بقوله: "فلا تغفل قراءته وتكريره فتنساه".
قوله: (﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى﴾ اعتراض)، فعلى الوجه الأول: هو كالتعليل لما ورد عليه قوله: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنسَى﴾، وإليه الإشارة بقوله: "إنك تجهر بالقراءة" إلى قوله: "فلا تغفل، فأنا أكفيك ما تخافه". وعلى الثاني: توكيد لمضمون الكلام السابق من مفتتح السورة واللاحق إلى مختتمها، لأنها محتوية على الأمور الدنيوية والأخروية، ولذلك عمم المعنى


الصفحة التالية
Icon