وقرأ الأعمش: «ولا يغوثا ويعوقاً» بالصرف، وهذه قراءة مشكلة، لأنهما إن كانا عربيين أو أعجميين ففيهما سببا منع الصرف: إما التعريف ووزن الفعل، وإما التعريف والعجمة؛ ولعله قصد الازدواج فصرفهما، لمصادفته أخواتهما منصرفات: وداً وسواعا ونسرا، كما قرئ: (وضُحَاهَا) بالإمالة، لوقوعه مع الممالات للازدواج
(وقَدْ أَضَلُّوا) الضمير للرؤساء، ومعناه: وقد أضلوا (كَثِيرًا) قبل هؤلاء الموصين بأن يتمسكوا بعبادة الأصنام ليسوا بأول من أضلوهم. أو وقد أضلوا بإضلالهم كثيرا، يعنى أن هؤلاء المضلين فيهم كثرة. ويجوز أن يكون للأصنام، كقوله تعالى: (إنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ) [إبراهيم: ٣٦].
فإن قلت: علام عطف قوله (ولا تَزِدِ الظَّالِمِينَ)؟
قلت: على قوله: (رَّبِّ إنَّهُمْ عَصَوْنِي)، على حكاية كلام نوح عليه السلام بعد (قَالَ) وبعد الواو النائبة عنه، ومعناه: قال رب إنهم عصوني،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومعناه: وقد أضلوا)، مبتدأ وخبر، وقوله: "ليسوا بأول من أضلوهم"، بدل أو بيان للخبر.
قوله: (وقد أضلوا بإضلالهم) أي: بإضلال المؤمنين (كثيراً)، وهم هم؛ فهو من التجريد، وكان من الظاهر: وقد أضل الرؤساء، إياهم، أي الموصين المخاطبين بقوله: ﴿لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ﴾، فوضع "كثيراً" موضعه على سبيل التجريد؛ فالباء في "بإضلالهم" كالباء في: رأيت بك أسداً.
قوله: (بعد ﴿قَالَ﴾ وبعد الواو)، يريد: أن كلام نوح مذكور بعد ﴿قَالَ﴾ في قوله تعالى: ﴿قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي﴾، وبعد الواو في قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾،