(سَيَذَّكَّرُ) فيقبل التذكرة وينتفع بها، (مَن يَخْشَى) الله وسوء العاقبة، فينظر ويفكر حتى يقوده النظر إلى إتباع الحق: فأما هؤلاء فغير خاشين ولا ناظرين، فلا تأمل أن يقبلوا منك (ويَتَجَنَّبُهَا) ويتجنب الذكرى ويتحاماها، (الأَشْقَى) الكافر؛ لأنه أشقى من الفاسق. أو الذي هو أشقى الكفرة لتوغله في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: نزلت في الوليد بن المغيرة وعتبة بن ربيعة. (النَّارَ الكُبْرَى) السفلى من أطباق النار، وقيل: (الكُبْرَى) نار جهنم. والصغرى: نار الدنيا. وقيل: (ثُمَّ) لأن الترجح بين الحياة والموت أفظع من الصلي، فهو متراخ عنه في مراتب الشدة؛ والمعنى: لا يموت فيستريح، ولا يحيى حياة تنفعه.
[(قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى • وذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى • بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا • والآخِرَةُ خَيْرٌ وأَبْقَى) ١٤ - ١٧]
(تَزَكَّى) تطهر من الشرك والمعاصي، أو تطهر للصلاة، أو تكثر من التقوى، من الزكاء وهو النماء. أو تفعل من الزكاة، كتصدق من الصدقة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لأن الترجح)، الترجح: التردد، الأساس: "ترجحح في القول: تميل فيه"، قال الزجاج: "لا يموت موتاً يستريح به من العذاب، ولا يحيى حياة يجد معها روح الحياة".
قوله: (﴿تَزَكَّى﴾: تطهر من الشرك والمعاصي)، قال الإمام: "هذا التفسير متعين، لأن مراتب أعمال المكلف ثلاث: أولها: إزالة العقائد الفاسدة عن القلب، وإليه الإشارة بقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى﴾. وثانيها: استحضار معرفة الله وصفاته وأسمائه، وهو المراد من قوله: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِي﴾. وثالثها: الاشتغال بخدمة الله عز وجل، وإليه الإشارة بقوله: ﴿فَصَلَّى﴾، لأن من تخلى عن الرذائل وتحلى بالفضائل، لا بد أن يظهر في جوارحه نور ذلك بالخضوع والخشوع".
قوله: (أو تكثر من التقوى: من الزكاء)، قال الزجاج: "ومعنى ﴿تَزَكَّى﴾: تكثر من تقوى الله، ومعنى الزاكي: النامي الكثير".


الصفحة التالية
Icon