وقرئ: (بعاد إرم ذات العماد) أي جعل الله ذات العماد رميماً بدلاً من فعل ربك؛ وذات العماد إذا كانت صفة للقبيلة، فالمعنى: أنهم كانوا بدويين أهل عمد، أو طوال الأجسام على تشبيه قدودهم بالأعمدة، ومنه قولهم: رجل معمد وعمدان: إذا كان طويلاً. وقيل: ذات البناء الرفيع، وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى: أنها ذات أساطين. وروي أنه كان لعاد ابنان: شداد وشديد؛ فملكا وقهرا، ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد، فملك الدنيا ودانت له ملوكها، فسمع بذكر الجنة فقال أبنى مثلها، فبنى إرم في بعض صحارى عدن في ثلاث مئة سنة، وكان عمره تسع مئة سنة، وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة؛ ولما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته؛ فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا. وعن عبد الله بن قلابة: أنه خرج في طلب إبل له، فوقع عليها، فحمل ما قدر عليه مما ثم، وبلغ خبره معاوية فاستحضره، فقص عليه، فبعث إلى كعب فسأله فقال: هي إرم ذات العماد، وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير، على حاجبه خال وعلى عقبه خال، يخرج في طلب إبل له؛ ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال: هذا والله ذلك الرجل. (لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا) مثل عاد، (فِي البِلادِ) عظم أجرام وقوّة، كان طول الرجل منهم أربع مئة ذراع،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما بها أَرِم وأريم، أي: أحد. وأصله اللازم للازم، وخص به النفي كقولهم: ما بها ديار، وأصله للمقيم في الدار".
قوله: (بعاد أرم ذات العماد)، المشهورة: بتنوين "عادٍ"، وفتح الميم في ﴿إِرَمَ﴾، والبواقي: شواذ.