وكان يأتي الصخرة العظيمة فيحملها فيلقيها على الحي فيهلكهم، أو لم يخلق مثل مدينة شداد في جميع بلاد الدنيا. وقرأ ابن الزبير: (لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا)، أي: لم يخلق الله مثلها. (جَابُوا الصَّخْرَ) قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتاً، كقوله: (وتَنْحِتُونَ مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا) [الشعراء: ١٤٩] قيل: أول من نحت الجبال والصخور والرخام: ثمود، وبنوا ألفاً وسبع مئة مدينة كلها من الحجارة. قيل له: ذو الأوتاد، لكثرة جنوده ومضاربهم التي كانوا يضربونها إذا نزلوا، أو لتعذيبه بالأوتاد، كما فعل بماشطة بنته وبآسية. (الَّذِينَ طَغَوْا) أحسن الوجوه فيه أن يكون في محل النصب على الذم، ويجوز أن يكون مرفوعاً على: هم الذين طغوا، أو مجروراً على وصف المذكورين عاد وثمود وفرعون يقال: صب عليه السوط وغشاه وقنعه، وذكر السوط: إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعد لهم في الآخرة، كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومضاربهم التي كانوا يضربونها)، المغرب: "وضرب الخيمة، وهو المضرب للقُبة؛ بفتح الميم وكسر الراء، ومنه: كانت مضارب رسول الله في الحل ومُصلاه في الحرم".
قوله: (ضبَّ عليه السوط وغشاه وقنعه)، نقل الإمام عن القاضي: "شبه عذابه بصب السوط الذي يتواتر على المضروب فيهلكه". وقال الواحدي: "وأجاد الزجاج في تفسير هذه الآية، فقال: جعل سوطه الذي ضربهم العذاب".
الأساس: "ومن المجاز: قنعت رأسه بالعصا وبالسوط".