وعن عمرو بن عبيد: كان الحسن إذا أتى على هذه الآية قال: إن عند الله أسواطاً كثيرة، فأخذهم بسوط منها. المرصاد: المكان الذي يترتب فيه الرصد، مفعال من: رصده، كالميقات من: وقته. وهذا مثل لإرصاده. العصاة بالعقاب وأنهم لا يفوتونه. وعن بعض العرب أنه قيل له: أين ربك؟ فقال: بالمرصاد. وعن عمرو بن عبيد رحمه الله أنه قرأ هذه السورة عند بعض الظلمة حتى بلغ هذه الآية فقال: إن ربك لبالمرصاد يا فلان، عرض له في هذا النداء بأنه بعض من توعد بذلك من الجبابرة، فلله دره أي أسد فراس كان بين ثوبيه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (المرصاد: المكان الذي ترقب فيه)، الراغب: "الرصد: الاستعداد للترقب، يقال: رصد له، وترصد وأرصدته له، قال تعالى: ﴿وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [التوبة: ١٠٧] ".
قوله: (وهذا مثل لإرصاده العصاة بالعقاب وأنهم لا يفوتونه)، يعني أن قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ﴾ استعارة تمثيلية؛ شبه حالة كونه تعالى حفيظاً لأعمال العباد، ومترقباً لها ومجازياً عليها على النقير والقطمير، ولا محيد للعباد عن أن لا يكون مصيرهم إلا إليه، بحالة من قعد على طريق السائلة يترصد، ولا غناء لهم عن عبور البهائم، ثم استعمل هنا ما كان مستعملاً هناك. وروى الواحدي عن الكلبي أنه قال: "لا يفوته شيء من أعمال العباد، كما لا يفوت من بالمرصاد شيءٌ".
قوله: (أي أسد فراس كان بين ثوبيه)، فيه مبالغات ولها مراتب؛ ففي الدرجة الرابعة: هو أسد، على ما تقرر في مراتب التشبيه. ثم فيه أسد على التجريد، كقولك: رأيت فيك أسداً. ثم أسد بين ثوبيه على الكناية، كما تقول: المجد بين ثوبيه. ثم أي أسد على التفخيم