و «خطياتهم» بقلبها ياء وإدغامها، و «خطاياهم»، و «خطيئتهم». بالتوحيد على إرادة الجنس، ويجوز أن يراد الكفر.
(فَأُدْخِلُوا نَارًا): جعل دخولهم النار في الآخرة كأنه متعقب لإغراقهم، لاقترابه، ولأنه كائن لا محالة، فكأنه قد كان. أو أريد عذاب القبر، ومن مات في ماء أو في نار أو أكلته السباع والطير، أصابه ما يصيب المقبور من العذاب. وعن الضحاك: كانوا يغرقون من جانب ويحرقون من جانب. وتنكير النار إما لتعظيمها، أو لأن الله أعد لهم على حسب خطيئاتهم نوعا من النار. (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ الله أَنصَارًا) تعريض باتخاذهم آلهة من دون الله، وأنها غير قادرة على نصرهم، وتهكم بهم، كأنه قال: فلم يجدوا لهم من دون الله آلهة ينصرونهم ويمنعونهم من عذاب الله، كقوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُم مِّن دُونِنَا) [الأنبياء: ٤٣]. (دَيَّارًا) من الأسماء المستعملة في النفي العام، يقال: ما بالدار ديار وديور، كقيام وقيوم؛ وهو فيعال من الدور، أو من الدار؛ أصله ديوار، ففعل به ما فعل بأصل سيد وميت، ولو كان فعالاً لكان دواراً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يراد الكُفر)، يعني: خطيئتهم، على التوحيد: إما أن يُراد به الجنس، فاشتمل على الخطيئات كلها، فهي كالجمع. وإما أن يُراد له العهد، وهي الخطيئة الكبرى، وهي ما كانوا عليه من الكفر.
قوله: (ومن مات في ماء أو نار، أو أكلته السباع والطير: أصابه ما يُصيب المقبور من العذاب)، قال الإمام: "اعلم أن الإنسان هو الذي كان موجوداً من أول عُمُره مع أنه كان صغير الجُثة ثم كَبِر، وإن أجزاءه في التحلل والذوبان دائماً، فالإنسان عبارة عن ذلك الشيء، الذي هو باقٍ من أول عُمُرِه إلى آخره، ثم إنه نَقَلَ ذلك الشيء إلى النار والعذاب".