(قَدَّمْتُ لِحَياتِي) هذه، وهي حياة الآخرة، أو وقت حياتي في الدنيا، كقولك: جئته لعشر لياٍل خلون من رجب؛ وهذا أبين دليٍل على أن الاختيار كان في أيديهم ومعلقًا بقصدهم وإرادتهم، وأنهم لم يكونوا محجوبين عن الطاعات مجبرين على المعاصي، كمذهب أهل الأهواء والبدع، وإلا فما معنى التحسر؟ قرئ بالفتح: (يعذب ويوثق)، وهي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن أبى عمرو أنه رجع إليها في آخر عمره. والضمير للإنسان الموصوف. وقيل: هو أبىّ بن خلف أي: لا يعذب أحد مثل عذابه،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أثبت له التذكير أولاً، ثم نفاه عنه آخراً في آنٍ واحد، نحو قوله: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ﴾ [الأنفال: ١٧]. قال الزجاج ورواه محيي السنة: "يومئذ يظهر الإنسان التوبة، ومن أين له التوبة؟ ".
قوله: (وهذا أبين دليل على أن الاختيار كان في أيديهم ومعلقاً بقصدهم)، قال الإمام: "هذا التحسرر على فعلهم الذي كان مسنداً إليهم ظاهراً، وتحقيقه: ليت الله وفقني على فعل الطاعة".
قوله: (قرئ بالفتح: "يعذَّب" و"يوثَق")، الكسائي، والباقون: بكسرهما.
قوله: (والضمير للإنسان الموصوف)، قال أبو علي: "وضع العذاب موضع التعذيب في هذا القول، كما وضع العطاء موضع الإعطاء في قول القائل:
وبعد عطائك المئة


الصفحة التالية
Icon