ثم بالإيمان الذي هو أصل كل طاعة، وأساس كل خير؛ بل غمط النعم وكفر بالمنعم. والمعنى: أن الإنفاق على هذا الوجه هو الإنفاق المرضى النافع عند الله، لا أن يهلك مالًا لبدًا في الرياء والفخار، فيكون مثله (كمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ)] آل عمران: ١١٧ [الآية.
فإن قلت: قل ما تقع (لا) الداخلة على الماضي إلا مكررة، ونحو قوله:
فأي أمر سيّئ لأفعله
لا يكاد يقع، فما لها لم تكرر في الكلام الأفصح؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عقبة، وعملها: اقتحاماً لها"، قال صاحب "الفرائد": "هذا تنبيه على أن النفس لا توافق صاحبها في الإنفاق لوجه الله ألبتة، فلا بد من التكلف وحمل المشقة على النفس. والذي توافقه النفس هو الافتخار والمراءاة، فكأنه تعالى ذكر هذا المثل بإزاء ما قال: ﴿أَهْلَكْتُ مَالًا لُّبَدًا﴾، والمراد بيان الإنفاق المفيد، وإن ذلك الإنفاق مُضر". وقلت: في التمثيل بالعقبة بعد ذكر النجدين ترشيح، ثم التقريع عليه بالاقتحام تربية لتلك المبالغة.
قوله: (قل ما تقع "لا" الداخلة على الماضي إلا مكررة)، الراغب: " (لا): يستعمل في العدم المحض، نحو: زيد لا عالم، وهو يدل على كونه جاهلاً، وذلك يكون للنفي. و (لا): ويستعمل في الأزمنة الثلاثة، ومع الاسم والفعل، غير أنه إذا نُفي به الماضي، فإما أن لا يؤتى بعده بالفعل، نحو أن يقال لك: هل خرجت؟ فتقول: لا، أي: لا خرجت. ولكن قل ما يذكر بعده الماضي، إلا إذا فُصل بينهما بشيء نحو: لا رجل ضربت ولا امرأة، أو يكون عطفاً نحو: ما خرجت ولا ركبت، أو عند تكرير نحو: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: ٣١]، وعند الدعاء نحو: لا كان ولا أفلح، ونحو ذلك. ومما نُفي به المستقبل قوله تعالى: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ﴾ [سبأ: ٣]، وقد حُمل على ذلك قوله تعالى: ﴿لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ [القيامة: ١]. وقوله: {وَمَا