..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في قوله: ﴿وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ [التكوير: ١٧] واو القسم، وفي ﴿وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ [التكوير: ١٨] عاطفة، فيطرد ما قال الزمخشري". فإن قيل: خالفتم سيبويه؛ فإنه لا يرى الواو المتعقبة للقسم ابتداء قسم، بل عاطفة، وقد جعلتم الواو الأولى المتعقبة لباء القسم، وهي في ﴿بِالْخُنَّسِ﴾، قسماً. قلنا: إنما تكلم سيبويه في واو تعقبت قسماً بالواو، فأما إذا جاءت الواو بعد الباء فلم يذكره؛ فإن الذي ذكره سيبويه فيه تكرار الواو في معنى واحد، وهو مُستكره بخلاف هذا، ألا ترى أنه لو صدر القسم بالواو ثم تلاه قسم بالباء، لتحتم كونهما قسمين. وأيضاً فكان المانع لسيبويه من جعل الواو الثانية قسماً مستقلاً، مجيء الجواب واحداً، واحتياج الواو الأولى إلى محذوف؛ فالعطف يغني عن تقدير محذوف، فلا يلزم اطراده في الباء التي هي أصل للقسم، لا سيما مع التصريح بفعل القسم وتأكيده بزيادة "لا"؛ ففي مجموع ذلك ما يغني عن إفراده بجواب، ولا كذلك الواو، فإنها ضعيفة المكنة في القسم بالنسبة إلى الباء، فلا يلزم من حذف جواب، ويصح الدلالة عليه حذف جواب دونه في الوضوح. فهنا نكثة خصت إيراد السؤال بالواو الثانية في قوله: ﴿وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ [التكوير: ١٧] دون الثالثة، لأنه لا يلزم منها العطف على عاملين؛ لأنا نجعلها نائبة عن الباء، ونجعل "إذا" فيها منصوبة بالفعل مباشرة، إذ لم يتقدم في جملة الفعل ظرف يُعطف عليه "إذا"، فهو كقولك: مررت بزيد وعمرو اليوم، فاليوم منصوب بالفعل مباشرة؛ فمرورك بزيد غير مطلق غير مقيد بظرف، فالمقيد به عمرو خاصة، فالظرف وإن عمل فيه الفعل مباشرة، فهو مقيد للقسم بالليل لا للقسم بالخُنَّس".
قال الدار الحديثي: "إن الواو في قوله: ﴿وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ﴾ [التكوير: ١٧ - ١٨]، وقوله: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (وَالَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ﴾ [الانشقاق: ١٦ - ١٨]، للقسم لا للعطف، وجواب أحد القسمين محذوف، وهو أسهل تحملاً من ارتكاب العطف على عاملين".