وإنما أوثرت على من لإرادة معنى الوصفية، كأنه قيل: والسماء، والقادر العظيم الذي بناها، ونفس، والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها، وفي كلامهم: سبحان ما سخركن لنا.
فإن قلت: لم نكرت النفس؟
قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يريد نفسًا خاصةً من بين النفوس وهي نفس آدم، كأنه قال: وواحدة من النفوس. والثاني: أن يريد كل نفٍس وينكر للتكثير على الطريقة المذكورة في قوله: (عَلِمَتْ نَفْسٌ) [التكوير: ١٤]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لإرادة معنى الوصفية)، لأن (ما) يستعمل في الصفات، إذا أردت أن تسأل عن صفو زيد، فقلت: ما زيد؟ والجواب عنه: فقيه أم طبيب. وإذا سألت عن ذاته فقل: من هو؟ والجواب عنه: إنه زيد.
قوله: (الباهر الحكمة الذي سواها)، قال الإمام: "تسويتها: تعديل أعضائها على ما يشهد به علم التشريح، وإعطائها القوة السامعة والباصرة والمخيلة والمفكرة والمذكرة، على ما يشهد به علم النفس". وبهذه الدقيقة خص المصنف تفسير "ما" في ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا﴾ بصفة الحكمة.
قوله: (سبحان ما سخركن لنا)، يخاطب النساء، وفي "سبحان" ما في معنى التعجب؛ يتعجب من كونهم مسخرات للرجال، قال الزجاج: "قيل: "ما" هاهنا بمعنى "من"، وحكي عن أهل الحجاز: سبحان ما سبحت له".
قوله: (وينكر للتكثير على الطريقة المذكورة)، وهي أنه من عكس كلامهم الذي يقصدون به الإفراط فيما يعكس عنه. ويجوز أن يكون التنكير فيه للتعظيم والتفخيم، قال الإمام: "يريد


الصفحة التالية
Icon