وهو السبق والتقدّم على جميع أنبياء الله ورسله، وشهادة أمته على سائر الأمم، ورفع درجات المؤمنين وإعلاء مراتبهم بشفاعته، وغير ذلك من الكرامات السنية. (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) موعد شامل لما أعطاه في الدنيا من الفلج والظفر بأعدائه يوم بدٍر ويوم فتح مكة، ودخول الناس في الدين أفواجًا، والغلبة على قريظة والنضير وإجلائهم، وبث عساكره وسراياه في بلاد العرب، وما فتح على خلفائه الراشدين في أقطار الأرض من المدائن، وهدم بأيديهم من ممالك الجبابرة وأنهبهم من كنوز الأكاسرة، وما قذف في قلوب أهل الشرق والغرب من الرعب وتهيب الإسلام، وفشوّ الدعوة واستيلاء المسلمين،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الاتصال والمحبة بمعنى آخر للطفهما، ويكون قوله ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾، معطياً جميع ما أحصاه المصنف وما لا يُحصى لإطلاقه. وأيضاً يتصل ﴿وَالضُّحَى (وَالَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾، بهذه الآية اتصاله بقوله: ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾، فتصير الآيات من التثاني، ويتحقق فيها معنى المثاني.
قوله: (وإعلاء مراتبهم بشفاعته)، الانتصاف: "وإخراج العُصاة من النار بشفاعته".
قوله: (من الفلج)، بالجيم. الجوهري: "الفلج: الظَّفَر والفوز".
النهاية: "وقد فلج أصحابه وعلى أصحابه: إذا غلبهم، والاسم: الفلج، بضم الفاء".
قوله: (وما فتح على خلفائه)، عطف على "ما أعطاه"، و"ما" موصولة، والعائد محذوف، وكذا قوله: "وما قذف".
قوله: (وأنهبهم)، أي: جعلهم متمكنين من النهب. و"أنهب" متعد إلى مفعولين، وحذف أحدهما وهو العائد إلى الموصول، أي: لما أنهبوه، يقال: أنهب الرجل ماله الناس.
قوله: (وفشو الدعوة)، قيل: هو عطف على "ما" لا على "الإسلام". الرعب، "إذ ليس مما قُذف في القلوب، وفيه نظر لما سيجيء".