ويجوز أن يراد: الذي خلق الإنسان، كما قال: (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ)] الرحمن: ١_ ٣ [فقيل: (الَّذِي خَلَقَ) مبهمًا، ثم فسره بقوله: (خَلَقَ الْإِنْسانَ) تفخيمًا لخلق الإنسان، ودلالةً على عجيب فطرته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كقوله: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٣ ٍ؛ فالغيب عام لكل ما غاب عنا، ثم قال: ﴿وَبِالْأخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ﴾. وعكسه قول الشاعر:
وهم العشيرة أن يبطئ حاسد أو أن يلوم لحاجة لوامها
ألا ترى أن اللوم أعم من التبطئة، لأن التبطئة نسب قوم إلى البُطء وهو بعض اللوم. أن يبطئ: أي لأن يبطئ. وقلت: إنما علل تخصيص اإنسان بالذكر بقوله: "لأن التنزيل إليه"، لأن الأمر بقراءة المنزل مترتب على وصف الله عز وجل بخلق الأشياء، ثم تخصيص خلق الإنسان، وذلك لأنه هو المشرف بأن التنزيل إليه.
قوله: (خلق الإنسان، كما قال: ﴿الرَّحْمَنُ (عَلَّمَ الْقُرْآنَ (خَلَقَ الْإِنسَانَ﴾ [الرحمن: ١ - ٣ ٍ])، عن بعضهم: إنه استشهد به من حيث إن خلق الإنسان خلق عظيم. وقلت: تقريره أن قوله: ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ كقوله: ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾، في أن المراد منه خلق الإنسان فأُبهم، كما أن المراد من قوله: ﴿عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾: علم الإنسان القرآن. ثم قال: ﴿خَلَقَ الْإِنسَانَ﴾: تفسير أو بيان للمجمل، كما قيل: ﴿خَلَقَ الْإِنسَانَ (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ [الرحمن: ٣ - ٤] كذلك، والفاء في قوله: "فقيل: ﴿الَّذِي خَلَقَ﴾ "، عطفت ما بعدها بقوله: "يُراد"، وما توسط بينهما اعتراض. ويمكن أن يقال: إنه إذا جعلت الصلة ﴿خَلَقَ الْإِنسَانَ﴾، كان القصد في علة القراءة هو