[(وأنا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وشُهُبًا • وإنا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا) ٨ - ٩]
اللمس: المس، فاستعير للطلب؛ لأن الماس طالب متعرف قال:

مسنا من الآباء شيئا وكلنا إلى نسب في قومه غير واضع
يقال: لمسه والتمسه، وتلمسه، (كطلبه وأطلبه وتطلبه)، ونحوه: الجس، وقولهم: جسوه بأعينهم وتجسسوه. والمعنى: طلبنا بلوغ السماء واستماع كلام أهلها. والحرس: اسم مفرد في معنى الحراس، كالخدم في معنى الخدام؛ ولذلك وصف بشديد، ولو ذهب إلى معناه لقيل: شداداً؛ ونحوه:
أخشى رجيلاً أو ركيباً غاديا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (مَسِسنا من الآباء) البيت، بعده:
فلمت بَلغنا الأمّهات وَجَدتُّمُ بَني عَمِّكم كانوا كرامَ المضاجعِ
أي: طلبنا عيباً، لأن الماس طالب مُتعرف، وقوله: "غير واضع" صفة "نسب"، يقول على سبيل المفاخرة مع الأقرباء: طَلَبنا من جانب الآباء، هل فينا من ضَعَةً وفساد، فوجدنا كُلًّا منا ينتمي إلى حسب شريف ونسب كريم يَرفعه ولا يَضعه، فلما بلغنا المفاخرة إلى الأمهات، وجدتم بني عمِّكم، والمراد به أنفسكم، كرام المضاجع. والمضاجع كناية عن الأزواج، وهذا من أحسن المعاريض، لأن المراد: كُنا من طرف الآباءِ سواء، وكانت أمهاتنا أشرف من أمهاتكم.


الصفحة التالية
Icon