و (رَسُولٌ) بدل من (البينة). وفي قراءة عبد الله: (رسولًا) حالًا من البينة. (صُحُفاً) قراطيس (مُطَهَّرَةً) من الباطل. (فِيها كُتُبٌ) مكتوبات، (قَيِّمَةٌ) مستقيمة ناطقة بالحق والعدل؛ والمراد بتفرقهم: تفرقهم عن الحق وانقشاعهم عنه، أو تفرقهم فرقًا؛ فمنهم من آمن، ومنهم من أنكر، وقال: ليس به؛ ومنهم من عرف وعاند.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (و ﴿رَسُولٌ﴾ بدل من ﴿الْبَيِّنَةُ﴾)، قال الإمام: "وفائدته الإعلام بأن ذاته كانت بينة على نُبوته؛ لأنه كان في نهاية من الجد في تقرير النبوة، وفي غاية من الصدق وكمال من العقل. وروي عن حجة الإسلام أن مجموع الأخلاق الفاضلة، كان بالغاً فيه إلى حد الإعجاز، أو أن معجزاته كانت في غاية الظهور والكثرة". وقلت: الدليل على أن المراد بالبينة رسول الله؟، قوله: "لا تنفك مما نحن عليه من ديننا ولا نتركه حتى يبعث النبي الموعود"، ولعل السر في جعله ﴿الْبَيِّنَةُ﴾ توطئة لذكر الرسول، كما وبخهم بقولهم: ﴿أَوَ لَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى﴾. ولهذا السر أيضاً
أُفرد ذكرهم عن المشركين في قوله: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾، كأنهم عُيِّروا بالتفرق وهم أهل الكتاب، لأن جحود العالم أقبح من إنكار الغافل.
قوله: (﴿صُحُفًا﴾: قراطيس ﴿مُّطَهَّرَةً﴾)، الراغب: "الصحيفة: المبسوط من الشيء كصحيفة الوجه، والصحيفة التي يُكتب فيها، وجمعها صحائف وصُحف، قال تعالى: ﴿يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً﴾؛ أُريد بها القرآن، جعله صُحفاً فيها كتب، من أجل تضمنه لزيادة ما في كتب الله. والمصحف ما جُعل جامعاً للصحف المكتوبة". وقال أيضاً: "أراد بقوله: ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾، لأن القرآن مجمع ثمرة كتب الله المتقدمة".