(وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) أي: دين الملة القيمة. وقرئ: (وذلك الدين القيمة) على تأويل الدين بالملة.
فإن قلت: ما وجه قوله: (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ)؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستعمل إلا في الحق، قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ [آل عمران: ١٩]، ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥]. وقال: "القيمة هاهنا اسم الأمة القائمة بالقسط المشار إليهم بقوله: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ﴾ [آل عمران: ١١٠]، وقوله: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ [النساء: ١٣٥] ".
قوله: (أي: دين الملة القيمة)، قال صاحب "الكشف": "لا بد من هذا التقدير، لأنه إذا لم يُحمل على هذا، كان إضافة الشيء إلى صفته، وهي بمنزلة إضافة الشيء إلى نفسه، قال محيي السنة: "أضاف الدين إلى القيمة وهي نعته لاختلاف اللفظين، وأنث ﴿الْقَيِّمَةِ﴾ رداً بها إلى الملة. وقيل: الهاء فيها للمبالغة، وقيل: ﴿الْقَيِّمَةِ﴾ هي الكتب التي جرى ذكرها، أي: وذلك دين الكتب القيمة فيما تدعو إليه وتأمر به. وقال النضر بن شميل: سألت الخليل عنها فقال: "القيمة" جمع القيم، والقيم والقائم واحد، ومجازه: وذلك دين القائمين لله بالتوحيد".
الراغب: "القيمة هاهنا: اسم الأمة القائمة بالقسط، المشار إليهم بقوله: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ﴾ [آل عمران: ١١٠]، وقوله: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ [النساء: ١٣٥] ".
قوله: (ما وجه قوله: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ﴾؟ )، يعني كان من حق الظاهر أن يقال "بأن يعبدوا الله" بالباء، فما وجه الإتيان باللام؟ فأجاب بأن صلة الأمر محذوفة، واللام للتعليل؛