فإن قلت: ما معنى (زلزالها) بالإضافة؟
قلت: معناه زلزالها الذي تستوجبه في الحكمة ومشيئة الله، وهو الزلزال الشديد الذي ليس بعده. ونحوه قولك: أكرم التقىّ إكرامه، وأهن الفاسق إهانته، تريد: ما يستوجبانه من الإكرام والإهانة. أو زلزالها كله وجميع ما هو ممكن منه. الأثقال: جمع ثقل، وهو متاع البيت، وتحمل أثقالكم جعل ما في جوفها من الدفائن أثقالًا لها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الذي ليس بعده)، أي: ليس بعده زلزال، أي: ليس فوقه وأقوى منه.
المغرب: "وقوله: وإن كان ليس بالذي لا بعد له، أي: ليس بنهاية في الجودة وهو من قولهم: هذا مما ليس بعده غاية في الجودة والرداءة. وربما اختصروا وقالوا: ليس بعده، ثم أُدخل عليه "لا" النافية للجنس، واستعمل استعمال الاسم المتمكن".
قوله: (أو زلزالها كله)، أي: القدر اللائق بها ويضاف إليها. والفرق بينه وبين الوجه السابق، هو أن السابق مستند إلى الفاعل ومقتضٍ مشيئته، ومن ثم قال: "زلزالها الذي تستوجبه في الحكمة". والثاني وإن دل على الشمول، ولكن دون الأول في الشدة، وفي قوله "تستوجبه في الحكمة" إشارة إلى مذهبه، قال الإمام: "أي الزلزال المكتوب عليها إذا قُدرت تقدير الحي. روي أنها تُزلزل من شدة صوت إسرافيل عليه السلام"، وليس ذلك إلا إذا قُدر أنها حية فزعة، كما كانت متكلمة في قوله: ﴿تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا﴾.
قوله: (جعل ما في جوفها من الدفائن أثقالاً لها)، الراغب: "أثقالها: قيل: كنوزها، وقيل: ما تضمنت من أجساد البشر عند الحشر، وقوله: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ﴾ [النحل: ٧]: أي: أحمالكم الثقيلة".


الصفحة التالية
Icon