والشديد: البخيل الممسك، يقال: فلان شديد ومتشدّد. قال طرفة:

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفى عقيلة مال الفاحش المتشدد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقيل: الخير ضربان: خير مطلق، وهو أن يكون مرغوباً فيه بكل حال، وعند كل أحد، كما ورد في وصف الجنة: "لا خير بخير بعده النار، ولا شر بشر بعده الجنة". وخير وشر مقيدان، وهو أن يكون خيراً لواحد شراً لآخر، كالمال ربما كان خيراً لزيد وشراً لعمرو، ولذلك وصفه الله تعالى بالأمرين فقال في موضع: ﴿إِن تَرَكَ خَيْرًا﴾ [البقرة: ١٨٠]، أي: مالاً، وقال في آخر: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ﴾ [المؤمنون: ٥٥ - ٥٦].
وقال بعض العلماء: لا يقال للمال خير حتى يكون كثيراً ومن مكان طيب؛ روي أن علياً رضي الله عنه دخل على مولى له، فقال له: ألا أوصي؟ قال: لا، لأن الله تعالى قال: ﴿إِن تَرَكَ خَيْرًا﴾، وليس لك مال كثير، وعلى هذا قوله: ﴿وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾، أي: للمال الكثير. والاختيار طلب ما هو خير، وقد يقال لما يراه الإنسان خيراً وإن لم يكن خيراً. والمختار في عُرف المتكلمين، يقال لكل فعل يفعله الإنسان لا على سبيل الإكراه، فقولهم: هو مختار في كذا، فليس يريدون به ما يراد بقولهم: فلان له اختيار؛ فإن الاختيار أَخذ ما يراه الخير".
قوله: (شديد ومُتشدد)، الراغب: "الشديد والمتشدد: البخيل، فالشديد يجوز أن يكون بمعنى مفعول كأنه شُد، كما يقال: غُل عن الأفضال، وإلى نحو هذا أشار بقوله: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [المائدة: ٦٤]. ويجوز أن يكون بمعنى فاعل كالمتشدد، كأنه شد صُرَّتَه".
قوله: (أرى الموت يعتام) البيت، يعتام: يختار، وعقيلة كل شيء أكرمه، والفاحش: البخيل الذي جاوز الحد في البخل. يقول: أرى الموت يختار كرام الناس، وكرائم الأموال التي يُضن بها.


الصفحة التالية
Icon