وفي أمثالهم: أضعف من فراشةٍ وأذل وأجهل، وسمى فراشًا لتفرّشه وانتشاره. وشبه الجبال بالعهن وهو الصوف المصبغ ألوانًا؛ لأنها ألوان، وبالمنفوش منه؛ لتفرق أجزائها. وقرأ ابن مسعود: (كالصوف). الموازين: جمع موزون وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله، أو جمع ميزان. وثقلها: رجحانها؛ ومنه حديث أبى بكر لعمر رضى الله عنهما في وصيته له: (وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الحق وثقلها في الدنيا، وحق لميزان لا توضع فيه إلا الحسنات أن يثقل، وإنما خفت موازين من خفت موازينه لاتباعهم الباطل وخفتها في الدنيا، وحق لميزان لا توضع فيه إلا السيئات أن يخف) (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة: هوت أمّه؛ لأنه إذا هوى أي: سقط وهلك، فقد هوت أمّه ثكلًا وحزنًا قال:

هوت أمّه ما يبعث الصّبح غاديا وماذا يردّ اللّيل حين يثوب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي: إنهم ضعفاء أذلاء جهلاء، أمثال الفراش غشين، أي: حضرن في غشوة الليل نار الذي يصطلي بها الشاعر وهو جرير. وقيل: غشين: اقتحمن. قيل: "ما" في "ما علمت": مصدرية، والمدة معه مقدرة، أي: أن الفرزدق وقومه دوام علمي بهم ضعفاء.
قوله: (ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه)، الحديث رواه صاحب "جامع الأصول"، عن رزين العبدري، وذكرناه بتمامه في "الأعراف".
قوله: (هوت أمه) البيت، قائله: كعب بن سعد الغنوي يرثي أخاه. ما يبعث، من المبعث: من النوم، والغادي: الذي يغدو، وهو حال. وهوت أمه: دعاء لا يراد به الوقوع، بل التعجب والمدح، أي: أي شيء يبعث الصُّبح منه حين يغدو، وأي شيء يرد الليل منه


الصفحة التالية
Icon