وعن أنس رضي الله عنه: الحمد لله على أن لم يقل: في صلاتهم. وقرأ ابن مسعود: (لاهون).
فإن قلت: ما معنى المراءاة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وعن أنس: الحمد لله على أن لم يقل: في صلاتهم)، قال الإمام: "روي عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنه، أنه قال: لو قال تعالى: في صلاتهم ساهون، لكان هذا الوعيد في المؤمنين أولى، لكنه قال: عن صلاتهم ساهون. والساهي عن الصلاة هو الذي لا يذكرها، ويكون فارغاً عنها. وهذا القول ضعيف، لأن السهو عن الصلاة لا يجوز أن يكون مفسراً بترك الصلاة، لأنه تعالى أثبت لهم الصلاة بقوله: ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ﴾، وأيضاً فإن السهو عن الصلاة بمعنى الترك، لا يكون نفاقاً ولا كفراً. ويمكن أن يجاب عن الأول، بأنه تعالى حكم عليهم بكونهم مصلين نظراً إلى الصلاة، وبأنهم نسوا الصلاة بالكلية نظراً إلى المعنى، كما قال: ﴿وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: ١٤٢] ".
وقلت: ويمكن أن يقال: إن المراد بالمصلين، مَن مِن شأنه أن يؤدي ما عليه من شكر نعم الله، ولذلك أضافها في قوله "عن صلاتهم" إليهم، ليؤذن بأنها حق ثابت لازم على المكلف، ومن حقه أن لا يتجاوز عن الإقامة عليها وحفظ أركانها وهيئاتها وسُننها، إلى السهو فضلاً عن الترك. هذا مبني على أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع. وقال الإمام: "ويجاب عن الاعتراض الثاني بأن النسيان عن الصلاة، هو أن يبقى ناسياً لذكر الله في جميع أجزاء الصلاة، وهذا لا يصدر إلا عن المنافق الذي يعتقد أن لا فائدة في الصلاة. وأما المسلم الذي يعتقد فيها الفوائد، فيمتنع أن لا يتذكر أمر الدين والثواب والعقاب في شيء من أجزائها. نعم، قد يتطرق له السهو في بعض أجزائها، فثبت أن السهو في الصلاة من أفعال المؤمن، وعن الصلاة من أفعال الكافر".